Search This Blog

Wednesday, March 02, 2011

لماذا يكره الشعب جهاز أمن الدولة

في حوار مع صديق عزيز ممن يؤيدون الاكتفاء بما تم تحقيقه من مكاسب بعض الثورة و العودة إلى العمل و إيقاف كافة المطالب الفئوية و عدم التظاهر تطرقنا إلى مقارنة هو عقدها بين الجيش و جهاز أمن الدولة و ذكر فيها أن الجيش غير محصن ضد الفساد و أنه كيف يمكن الوثوق بقادة اختارهم مبارك و أن الكل سواء في الفساد و أن جهاز أمن الدولة قوي جدا ولا يمكن حله و أن الشعب غير واعي و طفولي في مطالبه التي يصر على تحقيقها الآن. و بالطبع لم ينتهي الجدل إلى شيء كل منا ظل على قناعته الشخصية و لكني وجدت نفسي أتساءل لماذا يحب الشعب الجيش و يكره أمن الدولة و وجدت نفسي أتطرق للنقاط الأتيه لإجابة هذا السؤال :

أولا : الحقائق : ما لجهاز أمن الدولة و ما عليه : حمى الجهاز الوطن من خطر الإرهاب - ليس وحده و إنما بمساعدة المخابرات - في التسعينات و حماه من الاغتصاب من قبل فئة متطرفة فكريا و لكن في الوقت ذاته أقحم نفسه في الحياه السياسية و تبنى وجهة نظر النظام السياسية المبنية على وجهة نظر أحادية من حزب واحد في ماهية مصلحة الوطن بل و ساعده في تفتيت و تفكيك معارضيه . أستخدم أبشع الوسائل التي كانت تتبع لمكافحة الإرهاب في مكافحة المعارضين السياسين و زال الحد الفاصل بين الإرهابي و المعارض السياسي ، إشتراك الجهاز في استخدام سياسة الترويع و نشر الخوف بين الناس للتحكم فيهم - تمادى في سياسة تفتيت الرأي العام و نشر الفوضى الفكرية بل و تحالف مع الأراء الدينيه الرجعية التي تدعو للتخلف فقط لحماية النظام و باع مصلحة الوطن من أجل مصلحة النظام - قام باختيار جميع عمداء الكلية و رؤساء الجامعات و رؤساء النقابات و الاتحادات الطلابية و رؤساء الشركات - تدخل في إختيار الوزراء و المحافظين و كل صاحب منصب أو فنان أو حتى رياضي ، و ذلك بناء على خصائص لم تكن الكفاءة فيها مطلبا أبدا و هو ما أدي إلى فشل و فساد إداري و علمي و تعليمي و تخلف عام للوطن . أما أثناء الثورة فاستمر في نشر الفوضى و نشر الهلع بين المواطنين بل إستمر في اعتقال الثور و تعذيبهم.

أما الجيش فكل ما يعرفه الشعب عنهم أنهم يتميزون الانضباط غير منخرطين في السياسة - على الأقل بشكل مباشر - ثم كان الموقف في الثورة و إعلانه التأييد لمطالب الشعب و حق التظاهر و التعهد بحماية الشعب و عدم مساسه و ذلك في أثناء وجود مبارك . تبين بعض ذلك أن الجيش رفض إطلاق النار و قتل الشعب و في النهاية فإنه الجيش الذي أجبر الرئيس على التخلي عن المنصب .

ثانيا : أمن الدولة أم أمن الوطن : من الإسم نفهم أن الجهاز مؤسس لحماية أمن الدولة و لا نعلم ما هو تعريف الدولة من وجهة نظر الجهاز و هل الدولة هي الوطن أم الدولة هي مؤسسات الدولة أو بمعنى أخر النظام . قام الجهاز بحماية المؤسسات و النظام القائم و لم يحمي مصالح الوطن بتفتيت المعارضة و باختيار أسوأ أشخاص لتولي المناسب و بتدمير أفضل العقول و ترويعهم فقط لاختلافهم الفكري عن النظام الحاكم . عمل الجهاز كقوة ضخمة غاشمة و لكنها بلا ضمير و لا وازع أخلاقي - أستعمل الجهاز كل أمكانياته و المعلومات التى جمعها سرا و علنا لاية غاية يريدها النظام أو حتى أشخاص النظام -

نفهم أن جهاز سري كجهاز أمن الدولة يعمل بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة و لكن الغاية يجب أن تكون مصلحة الوطن و ليست مصلحة النظام - و هي مأساه أخري مجرد أن مصلحة النظام ليست مصلحة الوطن و لكن هذا الطرح يستحق مقالة كاملة. أخطأ الجهاز بفقدان البوصلة الموجهة لقوته الكبيرة و لهذا أصبحت غاشمة . الغايات الكبرى للوطن تسمو فوق التوجهات السياسية و لذا يجن أن ينأى جهاز كامن الدولة عن تأييد وجهة نظر سياسية واحدة لأن مصلحة الوطن يمكن تحقيقها من خلال توجهات سياسية مختلفة فانا ممكن أن أرى أن السوق الحرة تحقق مصلحة الوطن و أخر يرى العكس و كلانا مخلص للوطن فلذلك يجب أن يرتفع أي جهاز لحفظ أمن الوطن فوق هذا المستوى بكثير. في هذا السياق يجب أن نذكر أن جهاز أمن الدولة المصري لم يكن أول جهاز يتورط في أفعال مدمرة للوطن من مبدأ الغاية تبرر الوسيلة تحقيقا لوجهة نظر واحدة فاغتيال مارتن لوثر كينج في أمريكا نموذج لتخطي أجهزة أمن حدودها الامنه - لهذا كله فإن إلغاء القسم السياسي في جهاز أمن الدولة هو أمر حتمي و ضروري بل لا يمكن تحقيق تحول ديمقراطي حقيقي بدون ذلك .

ثالثا : الوازع الأخلاقي لجهاز أمن الدولة : حتى أكثر الأجهزة الأمنية ضراوة لها مهمة محددة تنبع من وازع ضميري كحماية الوطن و لكن هل تعلم أنه لا يوجد قانون خاص بجهاز أمن الدولة و إنما يعمل كجهاز سري من خلال قانون جهاز الشرطة على عكس المخابرات مثلا أو جهاز المباحث الفيدرالية الأمريكي . أنا لا أعلم ما هو توصيف مهمة جهاز أمن الدولة نظرا لعدم وجود قانون خاص أو كتيب أو موقع الكتروني أو أي شئ يدل على المرجعية القانونية أو الأخلاقية للجهاز. أما الجيش فله مهمة واضحة محددة و هي حماية أمن و وحدة الوطن و أراضيه و حماية الشرعية الدستورية . أن عدم وجود قانون واضح للجهاز أو مهمة محددة نعلمها - و ربما وجدت و لا نعلمها - جعلتنا لا نعلم هل خان الجهاز أمانته و هدفه أم أنه قام بدقة بالمطلوب منه . و لكن في كل الأحوال فإن غياب الوازع الأسمى وراء الجهاز أفقد هذا الجسد الضخم الضمير و أصبح بلطجي قوي جدا و لكن يعمل لصالح الضلال و ليس الحق - أصبح كمرتزقه تعمل بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة بدون تحديد للهدف أو من خلال رؤية ضبابية مما أدى لخروج الجهاز على مهمتة الأساسية و التي مفترض أن تكون حماية أمن الوطن .

أنني أؤمن بأن غياب الهدف الاسمي و الوازع الأخلاقي لمهمة جهاز أمن الدولة مع وجود ضمير حي للجيش هو ما أدى في النهاية إلى إختلاف المواقف رغم كل ما ذكره الصديق . يجب أن نتذكر أن الضمير و الأخلاق هما ما يضمنا عدم انحراف القوى و هو ما ينطبق على جميع القوى سواء كانت بشرية أو مؤسسية أو طبيعية أو حتى إفتراضية .


No comments: