لا ديمقراطية بلا شفافية
بما أن الديمقراطية هي حكم الشعب لنفسه عن طريق إنتخاب ممثلين له - نظرا لاستحالة جمع الشعب في مكان واحد للتصويت على القرارت الكبيرة و الصغيرة على حد سواء - فإن عمليات إنتقاء المرشحين هي جوهر ألية تنفيذ الديمقراطية . حتى يمكنك إنتقاء مرشحك بشكل يعبر عن متطلباتك يجب أن تتسم عملية الدعاية و الانتقاء بالشفافية . الشفافية هنا تعني قدرة الناخب على الوصول ألي كافة المعلومات اللازمة لانتخاب المرشح و لا أعني هنا المعلومات الشخصية و لكن على سبيل المثال و ليس الحصر - الإقرار الضريبي ، مصادر تمويل الحملة الدعائية ، السجل التصويتي في مجلس الشعب أو المجالس المحلية أو النقابات ، الانتماء الحزبي ، الانتماء الفكري ، الموقف الأيديولوجي من قضايا محددة كالصحة و التعليم و الأمن القومي إلخ ......- قد تبدو هذه المعلومات المطلوبة بديهية و لكن الواقع يخبرنا أن معظم المرشحين لا يقوموا متطوعين بكشف هذه المعلومات و خاصة ما يتعلق بالعلاقات المادية كالأسهم في الشركات و عضوية مجالس الإدارات و الأسوأ هو إخفاء مصادر تمويل الحملة و معروف أن مصادر تمويل المرشحين تتنبأ جيدا بأداء المرشح في حالة نجاحه.
دور مؤسسات المجتمع المدني في الحياه الديمقراطية
ستلعب منظمات المجتمع المدني المستقلة - أي التي تمول ذاتيا بدون تمويل حزبي أو حكومي أو رأسمالي - و التي تنأى بنفسها عن العمل السياسي المباشر دور كبير في دافع و حماية الديمقراطية في مصر و تحديدا أنا أعتقد أنها ستلعب دور في هذه المجالات
١- التوعية السياسية : و هي ما يقصد بها تصحيح بعض المفاهيم الأساسية في الممارسة الديمقراطية و التي أعتقد أنها غير واضحة أو ناقصة في الحياه السياسية المصرية . أقصد بالتحديد هنا المفهوم التشريعي لعضو البرلمان بمجلسيه . معظم الناخبون ينتقون المرشح بناء على ما يقدمه لهم من خدمات ( كتمهيد شارع أو بناء مستوصف أو مدرسة أو إيصال الكهرباء ) و في الواقع فهذه ليست وظيفة عضو مجلس الشعب على الإطلاق و إنما وظيفة المحافظ أو رئيس الحي أو أمثالهم . وظيفة عضو البرلمان هي سن القوانين أولا ثم مراقبة الحكومة ثانيا - هذا الوصف التشريعي لعضو مجلس الشعب هو ما يجب إيصاله و ترسيخه في عاقل الناخبين حتى يكون القرار التصويتي نابع عن فهم للهدف من منح الصوت لمرشح معين و ليس لاخر- هذه ستكون مهمة أحد منظمات الغير حكومية المدنية المستقلة . تلك هي نقطة جوهرية و هامة جدا في الحياه السياسة حيث يجب أن يستطيع الناخب أن يسأل مرشحه عن أرائه في مختلف التشريعات وان يعرف مسبقا كيف سيكون تصويته مثلا على مشروع لرفع الضرائب على الدخل - بل يجب أن يسأل الناخب المرشح هل لديه أية مشاريع قوانين أم لا ؟
٢- الرقابة السياسية المستقلة : و تشمل
أ) الرقابة على تمويل الحملات الانتخابية أو حتى الملاحقة القضائية للتأكد من القدرة على الوصول لمصادر التمويل أو حتى الدفع بوجود حد أقصى لما يمكن التبرع به أو تنظيم النسبة بين تمويل الأفراد و المؤسسات
ب) الرقابة على الأداء البرلماني من خلال منظمات تعمل كعين رقابية شعبية و ستكون وظيفتها توثيق السجل التصويتي لكل عضو مع مراقبة الوعود الانتخابية من المرشحين و أعضاء الحكومة على السواء . و هذ السجل التصويتي سيصبح أداه مهمة للحكم على مصداقية المرشح و كذلك سيكون التقييم الخاص بوعود الوزراء أداه مهمة للحكم على أعضاء الحكومة
No comments:
Post a Comment